دبلوماسية الغاز..قراءة في دلالات حضور وزيري الخارجية والبترول معًا في قبرص

جاء لقاء السفير بدر عبد العاطي، وزير الخارجية، والمهندس كريم بدوي، وزير البترول والثروة المعدنية، مع الرئيس القبرصي نيكوس كريستودوليدس، ليعكس بوضوح التكامل بين المسار السياسي والدبلوماسي من جهة، والمسار الاقتصادي من جهة أخرى.

مشاركة وزير الخارجية في اللقاء تعطي رسالة بأن قضية الطاقة ليست ملفًا فنّيًا فقط، بل قضية سيادية ترتبط بعلاقات مصر الخارجية وشراكاتها الاستراتيجية. فمصر تسعى لأن تكون لاعبًا محوريًا في أمن الطاقة الإقليمي، وهو ما يتطلب غطاءً سياسيًا ودبلوماسيًا يضمن توافق الرؤى مع قبرص، خاصة مع اقتراب توليها رئاسة الاتحاد الأوروبي عام 2026.كما أن الحضور المصري المشترك يعزز من رسالة الاستقرار التي تسعى القاهرة لتكريسها في شرق المتوسط، حيث الغاز أصبح أداة نفوذ إقليمي وسياسي لا يقل أهمية عن الملفات الأمنية.

على الجانب الآخر، وجود وزير البترول بجانب وزير الخارجية يعكس إدراك الدولة أن ملف الغاز الطبيعي لم يعد محصورًا في اعتبارات اقتصادية بحتة، بل أصبح جزءًا من الأمن القومي ومحددًا رئيسيًا لدور مصر الإقليمي.

كما أن استعراض الوزير كريم بدوي لمشروعات ربط حقول الغاز القبرصية بالبنية التحتية المصرية، وخاصة محطات الإسالة وشبكات النقل، يفتح المجال أمام تحويل مصر إلى مركز إقليمي للطاقة، ليس فقط لخدمة احتياجاتها الداخلية بل أيضًا لتصدير الغاز للأسواق الأوروبية.

وقد تزامن اللقاء مع حرص مصر على تعزيز شراكتها مع الاتحاد الأوروبي، في وقت يشهد العالم اضطرابات في أسواق الطاقة. ومشاركة وزيري الخارجية والبترول معًا أمام القيادة القبرصية تعطي إشارة قوية بأن القاهرة تعامل ملف الغاز كجزء من شراكتها الاستراتيجية مع أوروبا، وليس مجرد اتفاقية ثنائية.

لا يمكن فصل لقاء قبرص عن السياق الأوسع المتمثل في آلية التعاون الثلاثي بين مصر وقبرص واليونان، والتي مثلت على مدار السنوات الماضية منصة لتعزيز التعاون في مجالات الطاقة والأمن. ومن هنا، فإن التنسيق المشترك بين الوزارتين المصرية يضع الأساس لمرحلة جديدة من التحالفات الإقليمية المبنية على الطاقة كأداة للاستقرار والنفوذ.

والخلاصة، حضور وزير الخارجية إلى جانب وزير البترول في هذا التفاوض هو رسالة استراتيجية بأن مصر تتعامل مع ملف الطاقة كجزء من سياستها الخارجية وأمنها القومي. إنه نموذج واضح لـ الدبلوماسية الاقتصادية، حيث يتقاطع الاقتصاد مع السياسة، وتتحول موارد الغاز إلى أداة لتعزيز النفوذ المصري إقليميًا ودوليًا.

#المستقبل_البترولي