البيوجاز..كنز مهمل قادر على إنقاذ الاقتصاد والبيئة

أكد خبراء الطاقة والبيئة أن مصر تمتلك كنزًا مهملًا يتمثل في الغاز الحيوي (البيوجاز)، القادر على إحداث نقلة نوعية في الاقتصاد ودعم خطط الاستدامة البيئية، في حال استغلاله بالشكل الأمثل عبر خطة وطنية جادة.
وخلال استعراض دراسة تفصيلية أعدتها مؤسسة الطاقة الحيوية للتنمية المستدامة، ونشرتها العالم اليوم أوضحت الدكتورة منال عوض وزيرة التنمية المحلية والقائمة بأعمال وزير البيئة، أن مصر قادرة على إنتاج 2.6 مليون متر مكعب يوميًا من الغاز الحيوي من المخلفات الحيوانية، إضافة إلى 60.6 ألف طن يوميًا من السماد العضوي، بما يسهم في خفض نحو 31.5 ألف طن من انبعاثات ثاني أكسيد الكربون يوميًا. وأكدت أن هذه الأرقام تمثل قاعدة بيانات دقيقة يمكن الاعتماد عليها للتوسع في مشروعات الطاقة الحيوية مستقبلًا.
وأضافت الوزيرة أن الدراسة كشفت عن تصدّر محافظة الشرقية لقائمة المحافظات من حيث حجم الإنتاج المتوقع من الغاز الحيوي بكمية تصل إلى 366.7 ألف متر مكعب يوميًا، مشددة على أن تعميم وحدات البيوجاز في القرى والريف يفتح آفاقًا جديدة لتعزيز الاقتصاد الأخضر وتحويل التحديات البيئية إلى فرص اقتصادية.
من جانبه، أوضح الدكتور حاتم الرومي، النائب الأول لشعبة الطاقة المستدامة بالغرفة التجارية بالقاهرة، أن إنتاج الغاز الحيوي من المخلفات يمكن أن يدر على الدولة عوائد مالية تقارب 70 مليون جنيه يوميًا بين قيمة الغاز والكومبوست الناتج. وأضاف: «هذه الأرقام قادرة على وضع الاقتصاد الوطني على مسار جديد خلال خمس سنوات فقط، إذا ما تم إطلاق خطة وطنية متكاملة».
وأشار الرومي إلى أن التحديات التي تواجه صناعة البيوجاز لا تتعلق بالإمكانات، بل بآليات جمع المخلفات وضعف التصنيع المحلي لمستلزمات التشغيل. واقترح إطلاق مبادرات عملية مثل تمويل الفلاحين عبر البنك الزراعي لشراء الماشية وتزويدهم بوحدات بيوجاز، بما يتيح إنتاج الغاز والسماد محليًا ويخفف الاعتماد على أسطوانات البوتاجاز.
كما شدد على ضرورة إصدار تشريعات تسمح بربط فائض إنتاج الغاز من وحدات البيوجاز على شبكة الغاز القومية، على غرار ما يتم مع الكهرباء، إلى جانب الاستثمار في تدريب الشباب ودعم الشركات الناشئة في هذا القطاع.
واستعرض الرومي تجربة مشروع دعم مزارع الأسماك بوحدات بيوجاز عبر منحة دنماركية، مؤكدًا أن المزارعين لمسوا لأول مرة الفوائد المباشرة لاستغلال المخلفات في إنتاج الغاز والكمبوست، سواء بتحسين خصوبة التربة أو التخلص من مشكلات بيئية مثل الروائح الكريهة والذباب.
من جانبه، أكد المهندس أشرف نصير، رئيس لجنة الاقتصاد الأخضر بجمعية رجال الأعمال المصريين الأفارقة، أن الطاقة الحيوية تمثل أحد أهم حلول التنمية المستدامة، مشيرًا إلى أن مصر أنشأت بالفعل 1921 وحدة بيوجاز في 19 محافظة، تنتج أكثر من 2.15 مليون متر مكعب سنويًا، وتعالج نحو 53 ألف طن من المخلفات.
وأوضح نصير أن أبرز التحديات تشمل نقص البنية التحتية لنقل وتخزين الطاقة الحيوية، وغياب الوعي لدى المنتجين بأهمية إعادة تدوير المخلفات، إلى جانب الحاجة لتنسيق الجهود الحكومية وتطوير الصناعات المحلية.
وطرح نصير عدة حلول، منها التوسع في وحدات البيوجاز بالمزارع الكبرى والمجازر، وتطوير صناعات صغيرة للأعلاف من المخلفات الزراعية، وتعميم الوحدات النموذجية في المحافظات، فضلًا عن نشر الوعي المجتمعي بأهمية الاقتصاد الدائري.
اتفق الخبراء على أن مشروعات البيوجاز تمثل فرصة استراتيجية لمصر لتحويل المخلفات إلى ثروة قومية، وتحقيق عوائد اقتصادية وبيئية ضخمة، مؤكدين أن إطلاق خطة وطنية مدعومة بالتشريعات والاستثمارات سيجعل من الغاز الحيوي ركيزة أساسية ضمن رؤية مصر 2030 لتعزيز الطاقة المتجددة وخفض الانبعاثات.