مجرد رأي…قطر هي الأقوى
في عالم تحكمه القوة والمصالح، تتشابك الأفكار والتوجهات وتنعدم الرؤية الصحيحة لما يحيط بنا من أحداث. ومن يتهم قطر بالضعف بعد حادث الأمس المخزي لا يفهم طبيعة العالم الجديد.
ما حدث ليس هجومًا أو حربًا، وإنما حادث تسبب فيه سائق أرعن يقود عربة قوية طائشة. ومن يطالب قطر بالرد والدخول في حرب فهذه تخيلات تدل على قصور عقلي. قطر تستطيع أن تصيب اقتصاد من أغار عليها بالشلل، وتفقده قدرته على التواصل مع العالم الخارجي، بمجرد إجراء بضع مكالمات هاتفية.
قطر دولة محورية تلعب دورًا كبيرًا في سوق المال والطاقة العالمي. الحرب لم تعد قنابل ومدافع، وإنما مصالح وضغوط لها تأثير يفوق أي حرب عسكرية. لا تطالب دولة لا يتجاوز عدد سكانها مليون نسمة – أو ربما أقل – أن تدخل في حروب خاسرة تافهة، بينما هي تملك القدرة على تغيير موازين القوى العالمية في أيام قليلة.
المال والاستثمار والمصالح هي سلاح العصر الحديث. وما قامت به هذه الدولة الصغيرة في تنظيم كأس العالم عام 2022 هو أبلغ دليل على أنها تستطيع فعل المستحيل، بل وتستطيع إشعال حرب عالمية بين القوى الكبرى لو أرادت ذلك.
كل من اشترك في هذه المغامرة الوقحة خاف وتراجع، والقوى العظمى أعلنت أن الضربة كانت من خارج المجال الجوي القطري، وحتى لو كان هذا كذبًا، إلا أنه تراجع مذعور أمام أنياب تلك القوة الاقتصادية الهائلة. فالعصابات والغجر والأوباش لا توجعهم القذائف والقنابل، وإنما المال هو من يدمرهم ويوجعهم ويمحوهم من الوجود.
لا توجد دولة ضعيفة، لكن توجد دولة فقيرة، والفرق بينهما شاسع. الحادث سيتم تداركه يقينًا، وسيعلم كل من قام به أنه دخل دائرة خاسرة مع وحش اقتصادي هائل يستطيع أن يدمر مصالحه ومقدراته في أيام معدودة. الجميع أعلن استنكاره لهذا الحادث السخيف، الذي يكشف عن عقول ونفوس مشوشة تتخبط نحو الهاوية.
وتبقى الدروس المستفادة أكبر وأعمق بكثير من تداعيات الحادث. ونعود هنا إلى فكرة فيلم “شمس الزناتي” بطولة الفنان عادل إمام، المقتبس من الفيلم الياباني “الساموراي السبعة”، والذي كان موجَّهًا حينها إلى الكويت بعد محنة غزوها. والفكرة تقوم على ضرورة وجود اتحاد فاعل يدافع عن أمة صغيرة ضد هجمات الأوغاد والأوباش، وهم كُثر في هذا العالم. وقطر تستطيع، بعلاقاتها وقدرتها الاقتصادية الهائلة، أن تعيد النظر في سياستها وتعمل على خلق اتحاد يحميها من هجمات غجر وأوباش المنطقة، والتي أشك أن هناك من يستطيع مجرد التفكير في تكرارها.
سلامنا وقلوبنا مع أهلنا شعب قطر المتحضر، ونقول لهم: لا تحزنوا، لأن التغافل عن أفعال التوافه والتعامل الحازم مع أرباب السوابق هو من شيم الكبار.والسلام،،
#سقراط